كيف تحول موانع المسئولية الجنائية والمرض النفسي للمتهم وتكون سببا للبراءة في قضية القتل العمد في السعودية؟

 مذكرة دفاع تحتوي على أسباب وثغرات البراءة في قضايا القتل العمد لتوافر موانع المسئولية الجنائية مثل المرض النفسي للمتهم في النظام السعودي في السعودية.

مذكرة دفاع تحتوي على أسباب وثغرات البراءة في قضايا القتل العمد لتوافر موانع المسئولية الجنائية مثل المرض النفسي للمتهم في النظام السعودي في السعودية.


قد حرص المشرع السعودي على تشديد عقوبة وأحكام القتل العمد في النظام السعودي كفالة للدم وحقنا له إلا أن النفس البشرية قد خلقت مفسدة في الأرض و سفاكة للدماء، لذا نجد أن كثرت قضايا القتل العمد في السعودية إلا أن قد يكون المتهم مريضا بأمراض نفسية وعصبية تحول بينه وبين إرادته لذا يتساءل البعض ما تأثير موانع المسئولية الجنائية على العقوبة؟ وكيف يستفاد المتهم من المرض النفسي للإفلات من العقاب؟
لذا فإننا في هذا المقال سنوضح أهم أسباب البراءة في قضية القتل العمد في السعودية في النظام السعودي ومنها الدفع بانتفاء أركان جريمة القتل العمد و توافر موانع المسئولية الجنائية.

مذكرة دفاع  بأسباب وثغرات البراءة في قضايا القتل العمد لتوافر موانع المسئولية الجنائية مثل المرض النفسي للمتهم في النظام السعودي في السعودية.

إلى أصحاب المقام الكريم/ فضيلة الشيخ رئيس محكمة الاحساء الجزائية.

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته- وبعد،

مذكرة دفاع في الدعوى رقم      لسنة 1434هــ جزائيات جلسة الأربعاء   /   /1434هـ

مقدمة من/                     ، سعودي الجنسية، برقم هوية         سجل مدني             " متهم "

مقدمة ضـد/ النيابة العامة                                                                          " سلطة اتهام- ادعاء عام "

فاتحة الدفاع.

بسم الله الرحمن الرحيم، فلا خير من اسمه نكون به فاتحين، يقول الله تعالى ﴿و قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ قَتَلُوٓا۟ أَوْلَٰدَهُمْ سَفَهًۢا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا۟ مَا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ ٱفْتِرَآءً عَلَى ٱللَّهِ قَدْ ضَلُّوا۟ وَمَا كَانُوا۟ مُهْتَدِينَ﴾{الأنعام:140}.وصدق الذي لا ينطق عن الهوى في قوله{ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ{رواه مسلم}.لذا فإن في دعوانا الماثلة أمام عدلكم الكريم حديث.

وجيز الدعوى.

هذا وقد كانت الأوراق كافية تماما لإيجاز الدعوى ووقائعها ثم عرضنا ما قدر الله لنا عرضه أمام عدلكم الموقر بالمرافعة الشفوية لذا فإننا على يقين بأنكم طالعتم الأوراق ونظرتم لحال الخصمين ما بين العين واللام نزولا لقول الله تعالى {وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} {النساء:58}.

أوجه الدفوع.

يربأ المتهم بعدلكم ويلتمس:

الحكم ببراءة المتهم مما أسند إليه للأسباب الآتية:

أولا: توافر موانع المسئولية الجنائية بحق المتهم.

ثانيا: تنازل ولي الدم عن الحق الخاص.

احتياطيا: الرأفة بالمتهم وإيداعه مصحة للأمراض النفسية والعصبية.

الدفــــاع.

الدفع الأول: توافر موانع المسئولية الجنائية بحق المتهم مما يثبت انتفاء القصد الجنائي الخاص لجريمة القتل العمد.

نستهل في دفاعنا بحديث صلى الله عليه وسلم" رفع القلم عن ثلاث............... وعن المجنون حتى يفيق"{اخرجه احمد}، لذا فلا مسئولية جنائية إلا إذا ارتكبت جريمة مكتملة العناصر والأركان وقد عرف الفقيه الإيطالي كلار المسئولية الجزائية أنها" هي تحمل تبعة انتهاك حرمة قانون من قوانين الدولة بفعل خارجي صدر عن إرادة الإنسان لا يبرره أداء واجب أو ممارسة حق، يعاقب عليه بعقوبة جزائية" لذا فلا مسئولية جزائية إلا بارتكاب جريمة.
وإن كان المتهم قد ارتكب الجريمة بالفعل المادي والقصد الجنائي العام إلا أن لابد من توافر عناصر القصد الجنائي الخاص في حقه وهما العلم والإدراك وحرية الاختيار.
العلم: ويقصد به أن يكون الجاني عالما بعناصر الجريمة ونتيجتها الفعلية وأنها تعد انتهاكا لمقاصد الشريعة والقانون.
الإدراك: لابد من توافر الوعي والإدراك لدى المتهم ولا يقوم الإدراك إلا بتوافر أهلية الأداء لدى المتهم وهي: توافر الإرادة لدى الشخص لتفهم ماهية التصرفات التي يقوم بها وما يترتب عليها من نتائج، وهو ما يتطلب كمال الإدراك والتمييز لدى الشخص ولا ترتبط ببلوغ الشخص سن الرشد من عدمه وفقا للمادة 47 من نظام المعاملات المدنية". كل شخصٍ أهلٌ للتصرف؛ ما لم يكن عديم الأهلية أو ناقصها بمقتضى نص نظامي".
حرية الاختيار: قدرة الانسان على توجيه إرادته نحو تحقيق واشباع رغبته.
لذا: فلا يمكن عقاب المتهم إلا إذا توافرت في حقه عناصر المسئولية الجنائية فإن فقد أحد عناصرها سقطت العقوبة عنه فكيف سقطت المسئولية الجنائية عن المتهم الماثل؟
عدالة المحكمة- كما وضحنا بالمرافعة الشفوية أن المتهم شاء الله أن يبتليه بمرض نفسي فهل كل مرض نفسي يمنع المسئولية الجنائية؟
حتما نقول لا، فالأمراض النفسية قد تفسر على أنها انفصام أو صرع أو وسواس قهري أو اضطرابات شخصية البعض منها لا يعفى من المسئولية الجنائية، إلا أن المتهم هنا يعاني من اضطرابات شخصية بارنويدية وهي ما جاءت في علم النفس المعاصر ص (675) وعلم النفس الاكلينيكي ص (86) أنها: اضطرابات شخصية يتميز صاحبها بالميل نحو الهزائم والرفض وعدم المغفرة للإهانات والميل نحو حمل الضغائن والشك وتشويه الخبرات مع وجود إحساس قتالي ومتشبث بالحقوق الشخصية.
وتلك الاضطرابات ترتبط ارتباط وثيق بارتكاب الجرائم والأفعال المخلة كالقتل والانتحار والاعتداء على الآخرين" علم النفس الجنائي- الاضطرابات النفسية 417".
وتلك الاضطرابات مزيلة للإدراك كليا أو جزئيا بشكل قد يؤثر على عقله واستبصاره لذا فيعفى صاحبها من المسئولية الجنائية، فبإنزال ما تقدم على المتهم نجده قد عفي من المسئولية الجنائية لكونه مصابا باضطرابات نفسية أدت إلى ارتكابه الجريمة.

فما هي مظاهر فقدان المتهم الماثل لأهليته وإدراكه في الدعوى الماثلة؟ "تأثير فقدان الأهلية على العقوبة في جريمة القتل العمد"

وان عرضنا منها بمرافعتنا الشفوية اجمالا إلا أن هنا نعرضها تفصيلا وتفسيرا أمام ناظركم الكريم:

إفادة المجني عليها قبل وفاتها:
عندما سئلت المجني عليها رحمها الله ما سبب قيام المتهم بإطلاق النار عليها؟ قالت، لا يوجد أي شيء سوى أن المتهم يعاني من اضطرابات نفسية وشكوك وضلالات منذ فترة ويتلقى العلاج منها بمستشفى الإحساء النفسية.
إفادة والدة المجني عليها وشقيقاتها:
وعند سؤالهن أفادت بأن المتهم في يوم الإثنين 15/2/1433هـ بعد عودته من محافظة خرج حيث أنه كان مرافقها لخالهم لأداء واجب العزاء دخل إلى المنزل وألقي السلام عليهن ثم صعد إلى غرفته وبعد فترة سمعن صوت إطلاق نار والمتهم يصيح ويكبر" الله أكبر الله أكبر" ورمى المسدس في موزع المنزل وبعد ذلك وجدن ملابس المجني عليها ملطخة بالدماء وتناثرت الدماء على أرضية غرفتها ولم يكن هناك أية خلافات بين المجني عليها والمتهم سوى أنه يعاني من اضطرابات نفسية وشكوك تجاه الآخرين.
أقوال المتهم:
فضيلة الشيخ- القاعدة العامة تقول الاعتراف سيد الأدلة وأكد عليها نظام الإجراءات الجزائية في المادة الحادية والستين بعد المائة “إذا اعترف المتهم في أي وقت بالتهمة المنسوبة إليه، فعلى المحكمة أن تسمع أقواله تفصيلًا وتناقشه فيها. فإذا اطمأنت إلى أن الاعتراف صحيح، ورأت أنه لا حاجة إلى أدلة أخرى، فعليها أن تكتفي بذلك وتفصل في القضية، وعليها أن تستكمل التحقيق إذا وجدت لذلك داعيًا".
فإنه بإجراء التحقيقات مع المتهم أفاد بأنه كان في مساء يوم الواقعة ذهب برفقة خاله بن عمه لأداء واجب العزاء بمحافظة الخرج وعند العودة سمع على لسان خاله أن المدعو/..... قام بالدخول على شقيقته وبمجرد دخوله المنزل وجد نساء المنزل نائمات فصعد مسرعا واحضر سلاحه من نوع عيار22 برقم ودخل غرفة شقيقتها وأطلق النيران على شقيقته فسقطت على الأرض، وعند مواجهته بخاله وابن عمه أفاد بعدم صحة أقواله وأن لديه شكوك تجاه الأخرين نتيجة مرض نفسي.
التقارير الطبية وتقرير لجنة الطب الشرعي:
أفادت التقارير الطبية من مستشفى الأحساء العصبية أنه تمت مراجعة المدعي عليه للمستشفى بتاريخ15/9/1429 وأنه يعاني من نوبات صرع كبرى وبعد الكشف تبين أنه يعاني من اضطراب التفكير وشكوك وضلالات غير مبررة في سلوك شقيقته وتم عرضه على لجنة الطب الشرعي وأفادت أنه مصاب بمرض الصراع المصحوب باضطرابات ذهنية تشمل معتقدات مرضية خاطئة وسوء الحكم بما يخفف عنه المسئولية الجزائية.
لذا فإننا نجد أن المتهم يعاني من تلك الأمراض منذ مدة تزيد عن أربع سنوات فليس بظرف عارض استند عليه المتهم للهروب من جريمته.
عدل المحكمة- كل أدلة الثبوت تثبت الواقعة وتثب موانع المسئولية في حق المتهم كما أن تنازل أصحاب الدم عن الحق الخاص وان كان المجني عليها ابنتهم فالمتهم ابنهم فهو ضحية كما كانت شقيقته فلا نزيدهم حزنا.

الدفع الثاني: تنازل ولي الدم عن الحق الخاص.

الهيئة الموقرة- ولما كان تنازل صاحب الحق الخاص عن حقه هو له أثر خاص في مجرى الدعوى وفقا للمادة الثانية والعشرون من نظام الإجراءات الجزائية" تنقضي الدعوى الجزائية العامة في إحدى الحالات الآتية:
2 - عفو ولي الأمر فيما يدخله العفو.
3 - ما تكون التوبة فيه بضوابطها الشرعية مسقطة للعقوبة.
وظهر التنازل متجليا بالقرار الشرعي "407434/33" المتضمن تنازل أولياء الدم في حقهم عن القصاص، وكما يعد اعتراف المتهم عن جرمه واثبات أن ما فعله كان بغير إرادته هو إثبات لندمه وتوبته عن الفعل.

احتياطيا: يطلب المتهم استعمال التخفيف.

فضيلة الشيخ- ان لم يرقى دفاعنا لقناعتكم التقديرية ببراءة المتهم لتوافر عدم العلم والإدراك وتنازل أصحاب الدم عن الحق الخاص فإننا نلتمس تخفيف العقوبة على المتهم مع إيداعه إحدى دور الرعاية النفسية والعصبية وذلك:
1- تنازل أصحاب الدم عن القصاص.
2- مرض المتهم بأمراض عصبية ونفسية.
3- تنفيذا للإرادة الملكية بالتعميم 8/ت/95 ،1/782.

على ما سبق:
ولما ما طرح على عدلكم من مرافعة شفوية وكتابية فإن المتهم يطلب من عدالة المحكمة:
أصليا: براءة المتهم مما أسند إليه.
احتياطيا: استعمال التخفيف مع المتهم مع ايداعه احدى دور الرعاية النفسية والعصبية.
وفقكم الله لما يحبه و يرضاه.
هيئة الدفاع:

taha hawash
بواسطة : taha hawash
محامي حر وصاحب موقع العداله
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-